علامات الحقيقة والمجاز

كيف نميز ونعرف المعنى الحقيقي من المعنى المجازي
ذكر المشهور عدة علامات لتمييز المعنى الحقيقي عن المجازي منها :

اولاً:التبادر
التبادر من اللفظ اي انسباق المعنى الى الذهن منه (او هو انسباق المعنى الحقيقي الى الذهن من حاق اللفظ ,اي من ذات اللفظ من دون قرينة ) لان المعنى المجازي لا يتبادر من اللفظ الا بضم القرينة , فاذا حصل التبادر بدون قرينة كشف عن كون المتبادر معنى حقيقياً.

اشكال : وقد يعترض على ذلك بأن تبادر المعنى الحقيقي من اللفظ يتوقف على علم الشخص بالوضع فاذا توقف علمه بالوضع على هذه العلامة لزم الدور (فالشخص الذي لا يعرف اللغة العربية لو قلنا له (اسد) لا ينصرف ذهنه الى معنى الحيوان المفترس ؟
وهذا دليل على ان التبادر وانصراف المعنى الى الذهن يتوقف على علمنا باللغة , ومن هذا يتحصل ان العلم بالوضع يتوقف على التبادر , والتبادر يتوقف على العلم بالوضع فيكون العلم بالوضع متوقفاً على العلم بالوضع , وهذا هو الدور)

دفع الاشكال
واجيب على ذلك بان التبادر يتوقف على العلم الارتكازي بالمعنى وهو العلم المترسخ في النفس الذي يلتئم مع الغفلة عنه فعلاً والمطلوب من التبادر العلم الفعلي المتقوم بالالتفات فلا دور ,كما ,( وممكن ان نعطي دفع جزئي لهذا الاشكال :
بالقول ان التبادر عند العالم بالوضع علامة( للجاهل بالوضع ) على العلم بالوضع اي على معرفة المعنى الحقيقي او (الجاهل بالوضع) علمه بالوضع يتوقف على تبادر غيره , وبهذا فالتبادر يصلح ان يكون علامة للوضع وللعلم بالوضع ولا دور) ان افتراض كون التبادر عند العالم علامة عند الجاهل لا دور فيه ايضا .
والتحقيق ان الاعتراض بالدور لا محل له اساساً لانه مبني على افتراض ان انتقال الذهن الى المعنى من اللفظ فرع العلم بالوضع مع انه فرع نفس الوضع اي وجود عملية القرن الاكيد بين تصور اللفظ وتصور المعنى في ذهن الشخص , فالطفل الرضيع الذي اقترنت عنده كلمة ماما برؤية امه يكفي نفس هذا الاقتران الاكيد ليتصور امه عندما يسمع كلمة ماما مع انه ليس عالما ً بالوضع اذ لا يعرف معنى الوضع .
فالتبادر اذن يتوقف على وجود عملية الاقتران الاكيد بين التصورين في ذهن الشخص تصور اللفظ وتصور المعنى , والمطلوب من التبادر تحصيل العلم بالوضع اي العلم بذلك القرن الاكيد فلا دور

وعليه فالتبادر علامة على العلم بالوضع ,وهو يتوقف على نفس الوضع نفس القرن الاكيد يتوقف على العلقة والسببية الخاصة بين اللفظ والمعنى , والتبادر علامة على العلم بالوضع , او ان التبادر يتوقف على الوضع والوضع لا يتوقف على التبادر , وانما العلم بالوضع هو الذي يتوقف على التبادر فلا دور .

ثانياُ:صحة الحمل
ومنها صحة الحمل فان :
1- صح الحمل الاولي الذاتي للفظ المراد استعلام حاله على معنى ثبت كونه هو المعنى الموضوع له( اي اذا ثبت الحمل الاولي الذاتي بما هو هو يثبت ان المعنى هو المعنى الحقيقي)

2- وان صح الحمل الشايع ثبت كون المحمول عليه مصداقاً لعنوان هو المعنى له اللفظ ( يعني اذا صح الحمل الشايع فلا يثبت عندي الوضع وانما يثبت ان هذا المعنى هو احد مصاديق المعنى الحقيقي ).
واذا لم يصح كلا الحملين ثبت عدم كون المحمول عليه نفسه المعنى الموضوع له ولا مصداقه .
والصحيح ان صحة الحمل انما يكون علامة على كون المحمول عليه نفس المعنى المراد في المحمول او مصادق المعنى المراد اما ان هذا المعنى المراد في جانب المحمول هل هو معنى حقيقي للفظ او مجازي فلا سبيل الى تعيين ذلك عن طريق صحة الحمل , بل لا بد ان يرجع الانسان الى مرتكزاته لكي يعين ذلك .

ثالثاً:الاطراد
ومنها : الاطراد وهو ان يصح استعمال اللفظ في المعنى ( الذي اشك فيه في كونه هل هو المعنى الحقيقي او المعنى المجازي ) المشكوك كونه حقيقيا وتكرر هذا الاستعمال في جميع الحالات , وبلحاظ اي فرد من افراد ذلك المعنى فيدل الاطراد في صحة الاستعمال على كونه هو المعنى الحقيقي للفظ .

اشكال:
انه في الاستعمالات المجازية تتكرر هذه القضية اذ يصح استعمال اللفظ في المعنى حتى على نحو المجاز في  كل الحالات وعلى جميع الافراد فاستعمال لفظ الاسد في الرجل الشجاع تصح مع زيد الشجاع وتصح صباحا ومساءاً على زيد الشجاع ونفس الامر ايضا في عمر الشجاع او بكر الشجاع وخالد الشجاع .
اذ لا اطراد في صحة الاستعمال في المعنى المجازي وقد اجيب على ذلك بان الاستعمال في معنى اذا صح مجازاً ولو في حال وبلحاظ فرد صح دائماً , وبلحاظ سائر الافراد مع الحفاظ على كل الخصوصيات والشؤون التي بها صح الاستعمال في تلك الحالة او في ذلك الفرد , فالاطراد ثابت اذن في المعاني المجازية ايضا مع الحفاظ على الخصوصيات التي بها صح الاستعمال .