تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية

عرفنا ان الامارات حجة في المدلول المطابقي والمدلول الالتزامي معاً والمدلول الالتزامي :
تارة : يكون مساوياً للمدلول المطابقي .
واخرى : يكون اعم منه ( اي اعم من المدلول المطابقي )
ففي حالة المساواة اذا علم بأن المدلول المطابقي باطل فقد علم ببطلان المدلول الالتزامي ايضاً ( اي بطلان حجية المدلول المطابقي تثبت بطلان المدلول الالتزامي ), وبذلك تسقط الامارة بكلا مدلوليها عن الحجية , واما اذا كان اللازم اعم وبطل المدلول المطابقي , فالمدلول الالتزامي يظل محتملاً ومن هنا يأتي البحث التالي : وهو ان حجية الامارة في اثبات المدلول الالتزامي هل ترتبط بحجيتها في اثبات المدلول المطابقي او لا؟ ( طبعاً في اثبات الحجية هي متفرعة عن تلك ولها علاقة بتلك , والكلام هنا في حالة السقوط , في حالة البطلان )
مثال على القول بان المدلول الالتزامي اعم من المطابقي :
نقول الانسان ماشي ومعلوم ان الماشي اعم من الانسان اذ يوجد غير الانسان ايضا يمشي , الان لو حكمنا على الانسان بانه طائر جاء خبر قال : الانسان طائر والماشي من ملازمات الانسان اذن هذا الخبر كما ثبت للانسان انه طائر يثبت ايضا للماشي انه طائر .
الان لو تبين بطلان ان الانسان من الطيور فهل يبطل كون الماشي والذي هو اعم من الانسان ايضا ليس من الطيور ؟ يعني هل يبطل المدلول الالتزامي اي بطلان كون الماشي طائر ؟
والشبهة وردت لان الماشي يشمل حصة الانسان وغير الانسان ,وهنا ياتي البحث :
1-فالارتباط ( التبعية) : يعني انها اذا سقطت عن الحجية في المدلول المطابقي للعلم ببطلانه مثلا سقطت ايضا عن الحجية في المدلول الالتزامي وهو معنى التبعية .
2- وعدم الارتباط ( عدم التبعية) : يعني ان كلا من الدلالة المطابقية والدلالة الالتزامية حجة ما لم يعلم ببطلان مفادها بالخصوص( ما لم يعلم ببطلان هذه بالخصوص او هذه بالخصوص ولا ارتباط بينهما),ومجرد العلم ببطلان المدلول المطابقي لا يوجد خللا في حجية الدلالة الالتزامية ما دام المدلول الالتزامي محتملاً ولم يتضح بطلانه بعد ( يعني بعد ان ثبتت حجية المدلول نحتاج الى احراز بطلان هذه الحجية , وهنا لا يوجد عندي احراز , اذن تبقى الحجية ) وقد يستدل على الارتباط بأحد الوجهين التاليين :
الاول: ان الدلالة الالتزامية متفرعة في وجودها على الدلالة المطابقية , فتكون متفرعة في حجيتها ايضا ( لا نقصد بالحجية حصة الثبوت والوجود , وانما نقصد السقوط).
اشكال : ويلاحظ على ذلك ان التفرع في الوجود لماذا يستلزم التفرع في الحجية ؟
تفسير التفرع :ان مجرد التفرع في الوجود لا يستلزم التفرع في الحجية لامكانية ان يكون لكل من المدلولين موضوع مستقل للحجية اي لا يوجد تلازم بينهما على نحو العلة والمعلول  ولا على نحو السبب والمسبب وليس على نحو المعلولين لعلة ثالثة , يعني اذا انتفى احدهما ينتفي عن الاخر ,
فممكن ان يكون كل منهما موضوعاً مستقلاً للحجية بلحاظ كاشفيته - بلحاظ كاشفية المدلول المطابقي يكون حجة وبلحاظ كاشفية المدلول الالتزامي يكون حجة فلا يحصل بينهما التفرع , اذن علينا ان نعطي الدليل على التفريع , او نفسر التفريع بطريقة ثبوتية مقبولة يدل عليه الدليل او تكون مستفادة من الدليل اثباتاً فعلينا ان نطرح ونبطل الدليل الاول .
او لا يمكن ان نفترض ان كل واحدة من الدلالتين موضوع مستقل للحجية بلحاظ كاشفيتها ؟
الثاني : ان نفس السبب الذي يوجب سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية , يوجب دائماً سقوط الدلالة الالتزامية , فاذا علم مثلا بعدم ثبوت المدلول المطابقي وسقطت بذلك حجية الدلالة المطابقية , فان هذا العلم بنفسه يعني العلم ايضا بعدم ثبوت المدلول الالتزامي , ان ما تحكي عنه الدلالة الالتزامية دائما حصة خاصة من اللازم (وهي حصة المقارنة ))وهي الحصة الناشئة او الملازمة للمدلول المطابقي لا طبيعي اللازم على الاطلاق , وتلك الحصة مساوية للمدلول المطابقي دائماً ( راي السيد الخوئي)
وبكلمة اخرى ان ذات اللازم وان كان اعم احياناً , ولكنه بما هو مدلول التزامي مساو دائماً للمدلول المطابقي فلا يتصور ثبوته بدونه , فموت زيد وان كان اعم من احتراقه بالنار ( فممكن ان يموت بالغرق او بالطعن او بالخنق ...) ولكن من اخبر باحتراقه بالمطابقة فهو لا يخبر التزاماً بالموت الاعم ( يعني هو مات على كل حال ) ولو كان بالسم ( او بالغرق) , بل مدلوله الالتزامي هو الموت الناشيء من الاحتراق خاصة فاذا كنا نعلم بعدم الاحتراق فكيف نعمل بالمدلول الالتزامي ؟
طرح السيد الخوئي : بقوله ( الم تسلموا ويسلم الجميع سواء القول بالتبعية او عدم التبعية سلم الجميع بأن اللازم اذا كان مساوياً تسقط حجيته بسقوط المدلول المطابقي ؟
وانا سألزمكم بهذه القضية .
المدلول الالتزامي دائماً يكون مساويا للمدلول المطابقي وليس اعم منه وعليه اذا سقطت حجية المدلول المطابقي تسقط حجية المدلول الالتزامي .
البيان: نعطي مثال (الانسان ولازمه الماشي) قلنا الانسان طائر اذن الماشي طائر .
السيد الخوئي يقول : الماشي فيه حصتان
الاولى: الحصة المقارنة للانسان مع الملزوم والتي هي مساوية للانسان
الثانية : الحصة الثانية من الماشي تشمل الطيور والحيوانات بصورة عامة .
والامارة الدالة بالمطابقة على الملزوم , اي على الدليل المطابقي على الانسان هي تدل بالملازمة ليس على مطلق الماشي وليس على الحصة الاخرى من الماشي التي تمثل الحيوان , وانما المقصود الماشي المقارن للانسان اي المساوي للانسان فاذا ثبت عندي المساوي بهذا التوجيه فالدلالة الالتزامية تسقط حجيتها بسقوط حجية المدلول المطابقي .
السيد محمد بقار الصدر : يقول ليس دائما المدلول الالتزامي يساوي المدلول المطابقي وليس المقصود في الملازمة ان يكون طرف الملازمة هو الحصة المقارنة دائماً فممكن ان يكون طرف الملازمة هو الاعم من الحصة المقارنة والحصة غير المقارنة
يقول السيد محمد باقر الصدر نعم في مثال العلة والمعلول
مثال: اخبار الثقة ( بدخول زيد الى النار) والمدلول الالتزامي هو موت زيد ويقيناً هذا الموت ينسب الى الاحتراق بالنار فدخول زيد الى النار يستلزم انه احترق وانه مات , فبهذا المثال نعم لو انتفى هذا الامر ولو ثبت كذب الخبر وان المخبر اخطا واشتبه ولم يدخل زيد الى النار , فينتفي المدلول الالتزامي وهو موت زيد المقارن للاحتراق , اذن يثبت كذب المدلول المطابقي ويثبت كذب المدلول الالتزامي , لا نثول يبقى المدلول الالتزامي باعتبار ان الموت اعم من كونه بالاحتراق او بالسم او ... وهكذا
ننقض عليه بهذا المثال للازم الاعم وهو ان يكون طرف الملازمة اللازم الاعم يبقى الاعم وليس الحصة المقارنة ,( كعدم احد الاضداد بالنسبة الى وجود ضده ) فعندما يخبر الثقة بان الورقة بيضاء فهو يخبر بالملازمة انها ليست سوداء وليست حمراء وليست خضراء ... الى اخره .
فعندما يقول هذه الورقة بيضاء فان البياض في هذه الورقة لا يتحقق الا بعد تحقق عدم الضد وضد الابيض هو الاحمر والاخضر والاصفر ووو... وهكذا . فبهذا الاعدام كلها تتحقق
لو نريد ان نطبق ونقول عدم المانع في المقام نعم وجود البياض في هذه الورقة يستلزم عدم تلك الاضداد ولكن عدم السواد هو ليس عدم السواد المقارن لهذا البياض وانما عدم ذات السواد عدم مطلق السواد ,
ليس كما نقول هناك الموت المقارن لحصة الدخول في النار وهو طرف الملازمة ( الموت المقارن لحصة الدخول) والاحتراق بالنار لكن هنا عدم الضد هو العدم المطلق لا العدم المقارن للصفار مثلاً اذن  يوجد  اعم فكيف اسقط هذا ؟
اذن الدليل الذي طرحه السيد محمد باقر الصدر
يقول حتى لو كان اللازم اعم لكن نحن ننظر الى دليل الحجية الذي ملاكه الكاشفية وهذا الكشف له نكته واحدة نكتة مشتركة
وهنا حتى لو قلنا الكاشفية مستقلة عن هذه الكاشفية وجود حجية مستقلة ووجود حجية مستقلة ارتبط بالاخص او ارتبط بالاعم او ارتبط بالحصة المقارنة او بالحصة الاعم من المقارنة وغير المقارنة نعم حتى لو سلمنا بان هذه الكاشفية مستقلة عن هذه الكاشفية وهذه الحجية مستقلة عن هذه الحجية ,
ولكن نرجع خطوة الى الخلف ونقول من اين نشأت الكاشفية ؟
 والجواب : نشأت من نكتة معينة من منشأ معين فالكاشفية في خبر الثقة هو ان نستبعد ان يخطا الثقة في احساسه فهو شاهد او سمع فهذا خبر بالحس فنقول نادراً ما يخطا الثقة بحسه فاستبعاد خطا الثقة باحساسه في نظره وفي سمعه وفي لمسه يجعل احتمالية الخطا ضعيفة ,
اذن النكتة استبعاد خطا الثقة هي السبب في الكشف عن المدلول المطابقي والكشف عن المدلول الالتزامي فهذه النكته هي المنشأ للكشف , وهذه الخطوة هي النكته التي سبقت الكشف فاذا بطلت النكتة يبطل هذا الكشف ويبطل هذا الكشف يعني اذا تبين ان المخبر قد اشتبه ولم يدخل زيد النار فيكون قد اشتبه في الكشفين , النكتة واحدة فاذا بطلت وتبين خطا هذه النكتة تبين خطا ما يترتب عليها كأنما هذه عله وهذه سبب لهذا المعلول ولهذا المسبب ولهذا الاثر فاذا بطلت العلة تبطل الاثار وتبطل المعلولات والمسببات