الدليل الشرعي اللفظي

لما كان الدليل الشرعي اللفظي يتمثل في الفاظ يحكمها نظام اللغة ( اعم من اللغة والعرف) ...ناسب ذلك ان نبحث في مستهل الكلام عن العلاقات اللغوية بين الالفاظ والمعاني , ونصنف اللغة بالصورة التي تساعد على ممارسة الدليل اللفظي والتمييز بين درجات من الظهور اللفظي ( لاحظ الكلام في علم الاصول في الدلالة وفي الجانب اللغوي عندما نتحدث لم يكن غرضنا هو الغرض اللغوي وانما نحن ننظر الى الالفاظ , وكما في مباحث الالفاظ في المنطق , فليس النظر الى الالفاظ بما هي الالفاظ وهيئات وتركيبات لفظية , وانما الكلام في المعاني , لكن كيف نتحدث عن المعاني بدون استعمال اللفظ ؟ كيف افهم المقابل وكيف اوصل الفكرة الى المقابل دون استعمال اللفظ ؟)

الظهور التصوري والظهور التصديقي :
لما كان الدليل الشرعي اللفظي هو عبارة عن الفاظ وهذه الالفاظ تابعة لقوانين اللغة , فنحتاج ان نبحث عن العلاقات اللغوية بين الالفاظ والمعاني التي لها مدخلية والتي اعتمدها الشارع والتي تكون مسلمة عند الناس , وهي المنشأ الرئيس والقاعدة الرئيسة والمسلك الرئيس في تعاملات وتفاهمات الناس فيما بينهم وسيكون الكلام في
1- الظهور التصوري
2- الظهور التصديقي

الدلالة التصورية : لو سمعنا كلمة (زيد) او (كتاب) فهنا يوجد عندنا عدة مناشيء لهذا اللفظ
تارة نسمع اللفظ من الة او من اصتكاك حجرين او حركة ريح  فينصرف الذهن الى هذا المعنى الذي يدل عليه اللفظ الذي سمعناه فعندما نسمع لفظ كتاب ينصرف الذهن الى ذلك المعنى للكتاب والذي يتالف من مجموعة من الاوراق وفيه غلاف وفيه عبارات وبالرغم من ان اللفظ صدر من الة من جماد فانه مع ذلك انصرف الذهن وانتقل الى تصور المعنى الذي دل عليه اللفظ المسموع وهذه تسمى ( دلالة تصورية) وفي الحقيقة ليس لفظ (كتاب) هو الذي دل على معنى الكتاب وانما هي صورة اللفظ في ذهن هذا السامع فعندما اسمع اتصور اللفظ وهذه الصورة التي حضرت في ذهني هي التي تسببت بانتقال الذهن الى صورة المعنى الملازم لهذا اللفظ فهي علاقة بين صور ,
فالدلالة التصورية : هي انتقال الذهن الى تصور المعنى عند تصور اللفظ .

الدلالة التصديقية الاولى :
الان نتقدم خطوة ونقول لو سمعنا لفظ ( كتاب) من انسان ملتفت فهل تحصل دلالة تصورية ؟
والجواب: نعم اكيد تحصل دلالة تصورية ولكن في هذه الحالة يحصل شيء اخر غير الدلالة التصورية وهو انه اكتشف من اللفظ ان هذا الانسان الذي صدر منه اللفظ وهو ملتفت قصد بتلفظه ان يحضر هذا المعنى في ذهن السامع ويريد ان ينصرف ذهن السامع الى المعنى , يريد ان يستحضر معنى الكتاب في ذهن السامع او اخطار المعنى في ذهن السامع من خلال استمعاله للفظ الكتاب , اذن دخل هنا ( قصد المتكلم ) او مراد المتكلم او اللافظ ( لو صح التعبير) وهذه تسمى بالدلالة التصديقية , اذا تحققت الدلالة التصديقية فلا بد من تحقق الدلالة التصورية معها , لان الدلالة التصورية مستبطنة في الدلالة التصديقية .

الدلالة التصديقية الالوى : هي علاقة بين اللفظ وبين مراد المتكلم في ارادة اخطار المعنى في اذهاننا

الدلالة التصديقية الثانية (( الارادة الجدية))
لو سمعنا جملة ( مركباً لفظياً) مثل ( النار محرقة) الان نتدرج :
اولاً: لو صدر من الة اتفاقا صوت او صدر لفظ ووصل الى اذهاننا بهذا العنوان ( النار محرقة) او صدر هذا اللفظ من نائم ,هنا نقول ماذا يحصل في ذهن السامع ؟
الجواب :
أ- اسمع لفظ (النار) تنطبع صورة النار في ذهني فينصرف الذهن الى معنى النار الموجودة في الذهن .
ب- اسمع لفظ (محرقة) تنطبع صورة (محرقة) في ذهني ينتقل الذهن الى صورة الاحراق الى معنى الاحراق .
وهذه تسمى دلالة تصورية قهرية نتيجة سماع اللفظ لا غير ,

ثانياً: لو صدرت هذه الجملة (النار محرقة) من انسان ملتفت وواع فهنا توجد دلالة تصورية وتوجد ايضا دلالة تصديقية لان المتكلم الملتفت اراد بتلفظه باستعماله اللفظ ان يخطر المعنى في ذهني عنده (قصد) قصد ان يخطر المعنى في ذهني اذن عندي (دلالة تصديقية ),
الان هنا الانسان ملتفت :
تارة :يكون (مازحاً هازلاً) في كلامه وبصورة عامة نقول غير جاد في كلامه ,
ومثال ذلك لو قال انسان (الماء حار) وهو لم يكن جاداً بل كان هازلاً وهنا الهازل لا يريد حقيقة الاخبار عن الحرارة في الماء فهو لم يقصد الحاكية والاخبار عن حرارة النار في كلامه وهنا نقول بالرغم من مزاحه هل اراد بتلفظه ان يقدح المعنى في ذهني وان ينصرف ذهني الى هذا المعنى ؟
الجواب : نعم اراد ذلك .
ولكن هل اراد حقيقة ان يخبر عن حرارة الماء وعن النسبة بين الماء والحرارة وعن فعلية حرارة الماء ويقصد فعلاً الحكاية والاخبار عن حرارة الماء وان هذا الماء حار ؟
الجواب : لا لم يكن قاصدا ,
وهنا :
1- الدلالة التصورية تتحقق قهرا من سماع اللفظ
2- الدلالة التصديقية الاولى تتحقق لكونها صدرت من انسان واعي لديه ارادة استعمالية استعمل هذا اللفظ لاستحضار هذا المعنى في ذهن السامع
3- الدلالة التصديقية الثانية( ارادة جدية) والتي تختص فقط وفقط في الجمل التامة الخبرية هنا لم تتحق الارادة التصديقية الثانية لكون الالفظ غير جاد بل هازل
الدلالة التصديقية الثانية : هي علاقة بين اللفظ وبين مراد المتكلم في انه يريد ان يحكي لنا يريد ان يخبر عن النسبة عن المعنى والذي هو مدلول الجملة التامة الخبرية .