الاصل عند الشك في الحجية

عرفنا ان للشارع دخلاً في جعل الحجية للادلة المحرزة غير القطعية (( الامارات)) ( اما القطعية غير متوقفة على عدم ورود الترخيص , ولا دخل للشارع فيها), فان احرزنا جعل الشارع الحجية لامارة فهو واذا شككنا في ذلك لم يكن بالامكان التعويل على تلك الامارة لمجرد احتمال جعل الشارع الحجية لها ,لانها :
1- ان كانت ( نافية للتكليف) ونريد ان نثبت بها المعذرية فمن الواضح بناء على ما تقدم عدم امكان ذلك ما لم نحرز جعل الحجية لها الذي يعني اذن الشارع (الترخيص من الشارع) في ترك التحفظ تجاه التكليف المشكوك , اذ بدون احرازها هذا الاذن ( او الترخيص من الشارع ) تكون منجزية الاحتمال ( بناء على مسلك حق الطاعة ) للتكليف الواقعي قائمة بحكم العقل , ولا ترتفع هذه المنجزية الا باحراز الاذن او الترخيص في ترك التحفظ , ومع الشك في الحجية لا احراز للاذن المذكور ( مع الشك لا يوجد عندي علم او احراز بالترخيص فتبقى منجزية الاحتمال ثابتة ).
2- وان كانت الامارة (( مثبته للتكليف)) ونريد ان نثبت بها المنجزية خروجاً عن اصل معذر كأصالة الحل المقررة شرعاً ( او اصالة البراءة) فواضح ايضاً انا ما لم نقطع بحجيتها ( اي حجية الامارة) لا يمكن رفع اليد بها عن دليل اصالة الحل مثلاً ( لان دليل اصالة الحل يثبت قطعاً , اذن انا في حل من الاكل او الشرب او استعمال هذه او تلك ...),فدليل الاصل الجاري في الواقعة والمؤمن عن التكليف ( والمعذر للترك) المشكوك (هو الاصل) هو المرجع ما لم يقطع بحجية الامارة المثبتة للتكليف (حتى يكون الاثبات من الشارع , وانا لم يثبت عندي الاحراز والحجية من المولى بل اشك وعندي براءة ثابتة فأتمسك بذلك الدليل ما لم يأت من الشارع ما يدل على خلاف ذلك الامر)
وبهذا يصح القول (( ان الاصل عند الشك في الحجية عدم الحجية )) بمعنى ان الاصل نفوذ الحالة المفترضة ( التي اقطع بها ) لولا تلك الامارة من منجزية او معذرية ( يعني لو كانت الامارة حجة فهي ترفع منجزية ومعذرية ذلك الاصل بناء على مسلك حق الطاعة , سواء كانت اصالة احتياط عقلي او براءة شرعية على المثالين اللذين ذكرا , ومع عدم حجية الامارة تبقى المنجزية للاصل ).
توضيح اكثر
الان لو قامت الامارة على حرمة هذا الشيء( التكليف) فهنا بناء على :
أ- اصالة الحل :
التمسك باصالة الحل الشرعية اكون غير ملزم ومعذور لو اكلت او شربت هذا الماء او هذا السائل - العصير - وقام الدليل على حرمة هذه الاشياء حرمة هذا السائل - العصير- مثلاً.
ولكن هذه الامارة الظنية لم تثبت لها الحجية بل اشك بثبوت الحجية لها , واصالة الحل تقول ( كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام ) والمفروض يتحقق العلم والقطع واليقين , وانا عندي ظن , وانتفاء اصالة الحل بتحقق العلم لان موضوعها ( حتى تعلم ) , وانا هنا ليس عندي علم ولا قطع  , ولا يقين , والحجية ايضا لا تعطي ولا تنزل من الجانب العملي لانه لم تثبت عندي حجية حتى اعمل بهذا الظن او ارتب الاثر عليه او اجعل هذا الظن كالعلم , اذن يبقى العمل باصالة الحل ولا تأثير لهذه الامارة المشكوكة الحجية .
ب- اصالة البراءة الشرعية :
في اصالة البراءة ( رفع ما لا يعلمون )
مثال : عندي امارة لم تثبت لها الحجية تقول بوجوب صلاة ركعتين اول الشهر , اشك بوجوب الصلاة في اول الشهر ,
هنا :
أ- اصالة البراءة : تقول لا تجب الصلاة .
ب- الامارة تقول : يجب الصلاة .
والامارة لم تقم الحجية عليها وانما اشك بثبوت الحجية لها , فلا يتحقق عندي العلم بالتكليف , فيبقى هذا التكليف تحت موضوع البراءة الشرعية وهو (... مالا يعلمون )
اذن اقول لا تجب الصلاة واتمسك باصالة البراءة الشرعية , ما دمت غير عالم بالوجوب اذن رفع عني الوجوب للتكليف وانا معذور بترك الصلاة لان الشك في الحجية لا يحقق العلم فيبقى التكليف مرفوعا عني .
النتيجة :  الاثر العلمي على الشك في الحجية هو كعدم الحجية , وليس فيه منجزية ولا معذرية .