أقسام التقابل( 126)
للتقابل أربعة أقسام:
1-تقابل النقيضين: والسلب أو الإيجاب مثل الإنسان ولاإنسان، سواد ولا سواد، منير وغير منير( 127).
والنقيضان: أمران وجودي وعدمي أي عدم لذلك الوجودي، وهما لا يجتمعان ولا يرتفعان ببديهة العقل، ولا واسطة بينهما.
2-تقابل الملكة وعدمها: كالبصر والعمى، والزواج والعزوبة، فالبصر ملكة والعمى عدمها والزواج ملكة والعزوبة عدمها. ولا يصح ان يحل العمى إلا في موضع يصح فيه البصر، لان العمى ليس هو عدم البصر مطلقاً، بل عدم البصر الخاص وهو عدمه فيمن شأنه ان يكون بصيراً( 128 ) وكذا العزوبة لا تقال إلا في موضع يصح فيه الزواج، لا عدم الزواج مطلقاً فهما ليسا كالنقيضين لا يرتفعان ولا يجتمعان، بل هما يرتفعان. وان كانا يمتنع اجتماعهما فالحجر لا يقال فيه أعمى ولا بصير، ولا أعزب ولا متزوج لان الحجر ليس من شأنه ان يكون بصيراً، ولا من شانه ان يكون متزوجاً إذن الملكة وعدمها (أمران وجودي وعدمي لا يجتمعان ويجوز ان يرتفعا في موضع لا تصح فيه الملكة ).
3- تقابل الضدين: كالحرارة والبرودة، والسواد والبياض، والفضيلة والرذيلة، والتهور والجبن، الخفة والثقل. والضدان (هما الوجوديان المتعاقبان على موضوع واحد( 129 )، ولا يتصور اجتماعهما فيه ولا يتوقف تعقل احدهما على تعقل الآخر).
وفي كلمة (المتعاقبان على موضوع واحد)( 130 ) يفهم ان الضدين لابد ان يكونا صفتين، فالذاتان مثل إنسان وفرس لا يسميان بالضدين وكذا الحيوان والحجر ونحوهما. بل مثل هذه تدخل في المعاني المتخالفة، كما تقدم. وبكلمة (لا يتوقف تعقل احدهما على تعقل الآخر) يخرج المتضايفان، لانهما أمران وجوديان ايضاً، ولا يتصور اجتماعهما فيه من جهة واحدة، ولكن تعقل احدهما يتوقف على تعقل الآخر وسيأتي.
4- تقابل المتضايفين: مثل الأب والابن والفوق والتحت، المتقدم والمتأخر، العلة والمعلول، الخالق والمخلوق. وأنت إذا لاحظت هذه الأمثلة تجد:
أولاً: انك إذا تعقلت احد المتقابلين منهما لابد ان تتعقل معه مقابله الآخر، فإذا تعقلت أن هذا أب أو علة لابد ان تتعقل معه ان له ابناً أو معلولاً.
ثانياً: ان شيئاً واحداً لا يصح ان يكون موضوعاً للمتضايفين من جهة واحدة، فلا يصح ان يكون شخص أباً وابناً لشخص واحد، نعم يكون أباً لشخص وابناً لشخص آخر. وكذا لا يصح ان يكون الشيء فوقاً وتحتاً لنفس الشيء في وقت واحد وإنما يكون فوقاً لشيء هو تحت له، وتحتاً لشيء آخر هو فوقه وهكذا.
ثالثاً: ان المتقابلين في بعض هذه الأمثلة المذكورة أولاً (يجوز ان يرتفعا) فان واجب الوجود لا فوق ولا تحت، والحجر لا أب ولا ابن وإذا اتفق في بعض الأمثلة
ان المتضايفين لا يرتفعان كالعلة والمعلول، فليس ذلك لانهما متضايفين، بل لأمر يخصهما، لان كل شيء موجود لا يخلو أما ان يكون علة أو يكون معلولاً.
وعلى هذا البيان يصح تعريف المتضايفين بانهما الوجوديان اللذان يتعقلان معاً، . ولا يجتمعان في موضوع واحد من جهة واحدة ويجوز ان يرتفعا( 131)(132)
-------------------------------------------------------------------------
(126) التقابل
أما ان يكون احدهما وأما ان يكونا وجودياً والآخر عدمياً أمرين وجوديين
تارة
لا نشترط فيهما وتارة نشترط فيهما
الموضوع كما ف ي (النق،،،ضين) الموضوع القابل للوجود أو الحلول فيه كما في (الملكة والعدم)
تارة
لا يعقلان معاً تارة يعقلان معاً
كما في (الضدين) كما في (المتضايفين)
(127)1-النقيضان
بالإمكان ان يكونا ذوات أو صفات كما في مثل إنسان أو لا إنسان فانهما ذوات وسواد ولا سواد من الصفات.
2- قوله( قدس سره): (لا واسطة بينهما ) ردا على من يقول بوجود الواسطة بينهما وهي الحال والكلام في التفصيل في مقام آخر.
(128)
ذكر في الحاشية في تهذيب المنطق (ص 193 ) قال: انه لا يقال البصر جزء مفهوم العمى ولا تكون دلالته عليه بالالتزام بل بالتضمن. لانا نقول العمى عدم البصر لا العدم والبصر اعني العدم المضاف إلى البصر، والمضاف إذا اخذ من حيث انه مضاف كانت الإضافة داخلة فيه والمضاف خارجاً عنه وان كان مفهوم العمى هو العدم المضاف إلى البصر، كانت الإضافة إلى البصر داخلة في مفهومه والمضاف إليه خارجاً منه فتعقل العدم من حيث انه مضاف إلى البصر، لا يكون بدون تعقل البصر وان كان البصر خارجاً عن مفهومه. ثم انه إذا كان مفومه عدم البصر أي: العدم المقيد بالبصر فلا يصح إسناده إليه وقد قال الله تعالى: (فانها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) وقال ايضاً: (وعميت أبصارهم ) بدون قرينة دالة على ان المراد بالعمى هو العدم المطلق، هكذا قيل. وفيه انه يدل على ان التقييد بالبصر ايضاً خارج عن مفهوم العمى لأنه لو كان البصر داخلًا فيه (في العمى) لم يصح إسناده أي إسناد العمى أي يصبح الكلام عدم البصر لأبصارهم إلى البصر بدون قرينة فلزم ان يكون العمى عبارة عن مطلق العدم وهو باطل على ان هنا قرينة وهو نفس إسناده إلى البصر.
(129)
1- لا يقال :قد ذكر ان الضدين يتعاقبان على موضوع واحد ولذا فهما من الصفات وذكر شرط التعاقب لإخراج الصفات من جهة الملكة والعدم لأن مفهوم الملكة والعدم يمنع الصفة من التعاقب لأنه يمكن ان يقال: ان الملكة والعدم يمكن تعاقبهما فزيد أعمى وبعلاج طبي يصبح بصيراً ويتعرض لحادث ويصير أعمى وبعدها بعلاج طبي يصير بصيراً وحينئذ يقال ان ذكره قيد (وجوديان) هو المميز بين الضدين والملكة والعدم لأن الملكة والعدم ليسا وجوديان بل احدهما وجودي (الملكة) والآخر عدمي.
2- يفهم ايضاً من هذا الكلام ان الضدين لابد ان يكونا صفتين لكن ممكن ان نضيف الأفعال ونقول فيها أضداد مثل الصلاة والإزالة، ويجاب على هذا في هذا المقام (المنطق) لا تدخل في الضدين بل تدخل في المعاني المتخالفة. أما اعتبار الصلاة والإزالة من الأضداد فسيأتي الحديث عنه في الأصول في مبحث الضد.
(130)ويشكل صاحب المقرر في كتابه (ص 118 ) على عبارة (المتعاقبان على موضوع واحد) حيث قال بأنه يفهم من هذه العبارة ان الصفتين المتضادتين تجتمعان دائماً في موضوع واحد، لكن في زمانين مختلفين ويشكل على ذلك بان هذا قد لا يحصل في بعض الصفات، فان حرارة الجسم العادي تجتمع مع برودته في زمان اخر، لكن حرارة الشمس لا تجتمع مع برودتها في زمان اخر، وسواد القماش قد يجتمع مع بياضه في زمان آخر، لكن سواد القير لا يجتمع مع بياضه في زمان آخر، وفضيلة الإنسان قد تجتمع مع رذيلته في زمان آخر، لكن فضيلة الإمام المعصوم(عليه السلام) لا تجتمع مع رذيلته في زمان آخر.
وقد أبدل بعضهم هذا القيد بقيد المنسوبان إلى موضوع واحد ولعل نظره هو دفع هذا الإشكال لكن الظاهر ان الإشكال باقٍ معه على حاله فان الحرارة والبرودة لا تنسبان معاً إلى الشمس والسواد والبياض لا ينسبان معاً إلى القير والفضيلة والرذيلة لا ينسبان معاً إلى الإمام المعصوم(عليه السلام) أي ان قيد وحدة الزمان والمكان ووحدة الجهة مأخوذة في المعاني المتقابلة إضافة إلى ان المقصود من المتعاقبين على موضوع واحد هو شأنية الاتصاف بهذه الصفة وإمكانية الاتصاف بها وقابليتها لذلك وليس المقصود فعليتها إضافة لذلك فانه ليس المقصود الملكة والعدم الشخصية بل الملكة والعدم النوعية أو الجنسية والتفصيل في الأصول ان شاء الله.
(131)يجوز ان يرتفعا هو قيد توضيحي وليس قيداً احترازياً فكما انه في الملكة وعدمها يجوز ان يرتفعا في مكان لا تصح فيه الملكة فكذلك في المتضايفين فانه يجوز ان يرتفعا في واجب الوجود مثلًا فانه لا فوق ولا تحت والحجر لا أب ولا ابن.
(132)من تطبيقات التقابل وأقسامه في علم الأصول ما وقع فيه الخلاف من حيث تحديد نوع التقابل وذلك فيما بين الإطلاق والتقييد حيث ذكر السيد الصدر (قدس سره): ان هناك إطلاقاً وتقييداً في عالم اللحاظ وفي مقام الثبوت، والتقييد هنا بمعنى لحاظ القيد والإطلاق بمعنى عدم لحاظ القيد وهناك ايضاً إطلاق وتقييد في عالم الدلالة وفي مقام الإثبات، والتقييد هنا بمعنى الإتيان في الدليل بما يدل على القيد والإطلاق بمعنى عدم الإتيان بما يدل على القيد مع ظهور حال المتكلم في انه في مقام تمام مراده بخطابه والإطلاق الاثباتي يدل على الإطلاق الثبوتي والتقييد الاثباتي يدل على التقييد الثبوتي ولا شك في ان الإطلاق والتقييد متقابلان ثبوتاً وإثباتاً غير ان التقابل على أقسام فتارة يكون بين أمرين وجوديين كالتضاد بين الاستقامة والانحناء وأخرى يكون بين وجود وعدم كالتناقض بين وجود البصر وعدمه وثالثة بين وجود صفة في موضع معين وعدمها في ذلك الموضع مع كون الموضع قابلًا لوجودها فيه من قبيل
البصر والعمى فان العمى ليس عدم البصر ولو في جدار بل عدم البصر في كائن حي يمكن في شانه ان يبصر وعلى هذا الأساس اختلف الأعلام في ان التقابل بين الإطلاق والتقييد الثبوتيين من أي واحد من هذه الانحاء. ومن الواضح على ضوء ما ذكرناه انه ليس تضاداً لأن الإطلاق الثبوتي ليس أمراً وجودياً بل هو عدم لحاظ القيد ومن هنا قيل تارة بأنه من قبيل تقابل البصر وعدمه فالتقييد بمثابة البصر والإطلاق بمثابة عدمه وقيل أخرى انه من قبيل التقابل بين البصر والعمى فالتقييد بمثابة البصر والإطلاق بمثابة العمى وأما التقابل بين الإطلاق والتقييد الاثباتيين فهو من قبيل تقابل البصر والعمى بدون شك بمعنى ان الإطلاق الاثباتي الكاشف عن الإطلاق الثبوتي هو عدم ذكر القيد في حالة يتيسر للمتكلم فيها ذكر القيد و الأعم وإلا لم يكن سكوته عن التقييد كاشفاً عن الإطلاق الثبوتي.
للتقابل أربعة أقسام:
1-تقابل النقيضين: والسلب أو الإيجاب مثل الإنسان ولاإنسان، سواد ولا سواد، منير وغير منير( 127).
والنقيضان: أمران وجودي وعدمي أي عدم لذلك الوجودي، وهما لا يجتمعان ولا يرتفعان ببديهة العقل، ولا واسطة بينهما.
2-تقابل الملكة وعدمها: كالبصر والعمى، والزواج والعزوبة، فالبصر ملكة والعمى عدمها والزواج ملكة والعزوبة عدمها. ولا يصح ان يحل العمى إلا في موضع يصح فيه البصر، لان العمى ليس هو عدم البصر مطلقاً، بل عدم البصر الخاص وهو عدمه فيمن شأنه ان يكون بصيراً( 128 ) وكذا العزوبة لا تقال إلا في موضع يصح فيه الزواج، لا عدم الزواج مطلقاً فهما ليسا كالنقيضين لا يرتفعان ولا يجتمعان، بل هما يرتفعان. وان كانا يمتنع اجتماعهما فالحجر لا يقال فيه أعمى ولا بصير، ولا أعزب ولا متزوج لان الحجر ليس من شأنه ان يكون بصيراً، ولا من شانه ان يكون متزوجاً إذن الملكة وعدمها (أمران وجودي وعدمي لا يجتمعان ويجوز ان يرتفعا في موضع لا تصح فيه الملكة ).
3- تقابل الضدين: كالحرارة والبرودة، والسواد والبياض، والفضيلة والرذيلة، والتهور والجبن، الخفة والثقل. والضدان (هما الوجوديان المتعاقبان على موضوع واحد( 129 )، ولا يتصور اجتماعهما فيه ولا يتوقف تعقل احدهما على تعقل الآخر).
وفي كلمة (المتعاقبان على موضوع واحد)( 130 ) يفهم ان الضدين لابد ان يكونا صفتين، فالذاتان مثل إنسان وفرس لا يسميان بالضدين وكذا الحيوان والحجر ونحوهما. بل مثل هذه تدخل في المعاني المتخالفة، كما تقدم. وبكلمة (لا يتوقف تعقل احدهما على تعقل الآخر) يخرج المتضايفان، لانهما أمران وجوديان ايضاً، ولا يتصور اجتماعهما فيه من جهة واحدة، ولكن تعقل احدهما يتوقف على تعقل الآخر وسيأتي.
4- تقابل المتضايفين: مثل الأب والابن والفوق والتحت، المتقدم والمتأخر، العلة والمعلول، الخالق والمخلوق. وأنت إذا لاحظت هذه الأمثلة تجد:
أولاً: انك إذا تعقلت احد المتقابلين منهما لابد ان تتعقل معه مقابله الآخر، فإذا تعقلت أن هذا أب أو علة لابد ان تتعقل معه ان له ابناً أو معلولاً.
ثانياً: ان شيئاً واحداً لا يصح ان يكون موضوعاً للمتضايفين من جهة واحدة، فلا يصح ان يكون شخص أباً وابناً لشخص واحد، نعم يكون أباً لشخص وابناً لشخص آخر. وكذا لا يصح ان يكون الشيء فوقاً وتحتاً لنفس الشيء في وقت واحد وإنما يكون فوقاً لشيء هو تحت له، وتحتاً لشيء آخر هو فوقه وهكذا.
ثالثاً: ان المتقابلين في بعض هذه الأمثلة المذكورة أولاً (يجوز ان يرتفعا) فان واجب الوجود لا فوق ولا تحت، والحجر لا أب ولا ابن وإذا اتفق في بعض الأمثلة
ان المتضايفين لا يرتفعان كالعلة والمعلول، فليس ذلك لانهما متضايفين، بل لأمر يخصهما، لان كل شيء موجود لا يخلو أما ان يكون علة أو يكون معلولاً.
وعلى هذا البيان يصح تعريف المتضايفين بانهما الوجوديان اللذان يتعقلان معاً، . ولا يجتمعان في موضوع واحد من جهة واحدة ويجوز ان يرتفعا( 131)(132)
-------------------------------------------------------------------------
(126) التقابل
أما ان يكون احدهما وأما ان يكونا وجودياً والآخر عدمياً أمرين وجوديين
تارة
لا نشترط فيهما وتارة نشترط فيهما
الموضوع كما ف ي (النق،،،ضين) الموضوع القابل للوجود أو الحلول فيه كما في (الملكة والعدم)
تارة
لا يعقلان معاً تارة يعقلان معاً
كما في (الضدين) كما في (المتضايفين)
(127)1-النقيضان
بالإمكان ان يكونا ذوات أو صفات كما في مثل إنسان أو لا إنسان فانهما ذوات وسواد ولا سواد من الصفات.
2- قوله( قدس سره): (لا واسطة بينهما ) ردا على من يقول بوجود الواسطة بينهما وهي الحال والكلام في التفصيل في مقام آخر.
(128)
ذكر في الحاشية في تهذيب المنطق (ص 193 ) قال: انه لا يقال البصر جزء مفهوم العمى ولا تكون دلالته عليه بالالتزام بل بالتضمن. لانا نقول العمى عدم البصر لا العدم والبصر اعني العدم المضاف إلى البصر، والمضاف إذا اخذ من حيث انه مضاف كانت الإضافة داخلة فيه والمضاف خارجاً عنه وان كان مفهوم العمى هو العدم المضاف إلى البصر، كانت الإضافة إلى البصر داخلة في مفهومه والمضاف إليه خارجاً منه فتعقل العدم من حيث انه مضاف إلى البصر، لا يكون بدون تعقل البصر وان كان البصر خارجاً عن مفهومه. ثم انه إذا كان مفومه عدم البصر أي: العدم المقيد بالبصر فلا يصح إسناده إليه وقد قال الله تعالى: (فانها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) وقال ايضاً: (وعميت أبصارهم ) بدون قرينة دالة على ان المراد بالعمى هو العدم المطلق، هكذا قيل. وفيه انه يدل على ان التقييد بالبصر ايضاً خارج عن مفهوم العمى لأنه لو كان البصر داخلًا فيه (في العمى) لم يصح إسناده أي إسناد العمى أي يصبح الكلام عدم البصر لأبصارهم إلى البصر بدون قرينة فلزم ان يكون العمى عبارة عن مطلق العدم وهو باطل على ان هنا قرينة وهو نفس إسناده إلى البصر.
(129)
1- لا يقال :قد ذكر ان الضدين يتعاقبان على موضوع واحد ولذا فهما من الصفات وذكر شرط التعاقب لإخراج الصفات من جهة الملكة والعدم لأن مفهوم الملكة والعدم يمنع الصفة من التعاقب لأنه يمكن ان يقال: ان الملكة والعدم يمكن تعاقبهما فزيد أعمى وبعلاج طبي يصبح بصيراً ويتعرض لحادث ويصير أعمى وبعدها بعلاج طبي يصير بصيراً وحينئذ يقال ان ذكره قيد (وجوديان) هو المميز بين الضدين والملكة والعدم لأن الملكة والعدم ليسا وجوديان بل احدهما وجودي (الملكة) والآخر عدمي.
2- يفهم ايضاً من هذا الكلام ان الضدين لابد ان يكونا صفتين لكن ممكن ان نضيف الأفعال ونقول فيها أضداد مثل الصلاة والإزالة، ويجاب على هذا في هذا المقام (المنطق) لا تدخل في الضدين بل تدخل في المعاني المتخالفة. أما اعتبار الصلاة والإزالة من الأضداد فسيأتي الحديث عنه في الأصول في مبحث الضد.
(130)ويشكل صاحب المقرر في كتابه (ص 118 ) على عبارة (المتعاقبان على موضوع واحد) حيث قال بأنه يفهم من هذه العبارة ان الصفتين المتضادتين تجتمعان دائماً في موضوع واحد، لكن في زمانين مختلفين ويشكل على ذلك بان هذا قد لا يحصل في بعض الصفات، فان حرارة الجسم العادي تجتمع مع برودته في زمان اخر، لكن حرارة الشمس لا تجتمع مع برودتها في زمان اخر، وسواد القماش قد يجتمع مع بياضه في زمان آخر، لكن سواد القير لا يجتمع مع بياضه في زمان آخر، وفضيلة الإنسان قد تجتمع مع رذيلته في زمان آخر، لكن فضيلة الإمام المعصوم(عليه السلام) لا تجتمع مع رذيلته في زمان آخر.
وقد أبدل بعضهم هذا القيد بقيد المنسوبان إلى موضوع واحد ولعل نظره هو دفع هذا الإشكال لكن الظاهر ان الإشكال باقٍ معه على حاله فان الحرارة والبرودة لا تنسبان معاً إلى الشمس والسواد والبياض لا ينسبان معاً إلى القير والفضيلة والرذيلة لا ينسبان معاً إلى الإمام المعصوم(عليه السلام) أي ان قيد وحدة الزمان والمكان ووحدة الجهة مأخوذة في المعاني المتقابلة إضافة إلى ان المقصود من المتعاقبين على موضوع واحد هو شأنية الاتصاف بهذه الصفة وإمكانية الاتصاف بها وقابليتها لذلك وليس المقصود فعليتها إضافة لذلك فانه ليس المقصود الملكة والعدم الشخصية بل الملكة والعدم النوعية أو الجنسية والتفصيل في الأصول ان شاء الله.
(131)يجوز ان يرتفعا هو قيد توضيحي وليس قيداً احترازياً فكما انه في الملكة وعدمها يجوز ان يرتفعا في مكان لا تصح فيه الملكة فكذلك في المتضايفين فانه يجوز ان يرتفعا في واجب الوجود مثلًا فانه لا فوق ولا تحت والحجر لا أب ولا ابن.
(132)من تطبيقات التقابل وأقسامه في علم الأصول ما وقع فيه الخلاف من حيث تحديد نوع التقابل وذلك فيما بين الإطلاق والتقييد حيث ذكر السيد الصدر (قدس سره): ان هناك إطلاقاً وتقييداً في عالم اللحاظ وفي مقام الثبوت، والتقييد هنا بمعنى لحاظ القيد والإطلاق بمعنى عدم لحاظ القيد وهناك ايضاً إطلاق وتقييد في عالم الدلالة وفي مقام الإثبات، والتقييد هنا بمعنى الإتيان في الدليل بما يدل على القيد والإطلاق بمعنى عدم الإتيان بما يدل على القيد مع ظهور حال المتكلم في انه في مقام تمام مراده بخطابه والإطلاق الاثباتي يدل على الإطلاق الثبوتي والتقييد الاثباتي يدل على التقييد الثبوتي ولا شك في ان الإطلاق والتقييد متقابلان ثبوتاً وإثباتاً غير ان التقابل على أقسام فتارة يكون بين أمرين وجوديين كالتضاد بين الاستقامة والانحناء وأخرى يكون بين وجود وعدم كالتناقض بين وجود البصر وعدمه وثالثة بين وجود صفة في موضع معين وعدمها في ذلك الموضع مع كون الموضع قابلًا لوجودها فيه من قبيل
البصر والعمى فان العمى ليس عدم البصر ولو في جدار بل عدم البصر في كائن حي يمكن في شانه ان يبصر وعلى هذا الأساس اختلف الأعلام في ان التقابل بين الإطلاق والتقييد الثبوتيين من أي واحد من هذه الانحاء. ومن الواضح على ضوء ما ذكرناه انه ليس تضاداً لأن الإطلاق الثبوتي ليس أمراً وجودياً بل هو عدم لحاظ القيد ومن هنا قيل تارة بأنه من قبيل تقابل البصر وعدمه فالتقييد بمثابة البصر والإطلاق بمثابة عدمه وقيل أخرى انه من قبيل التقابل بين البصر والعمى فالتقييد بمثابة البصر والإطلاق بمثابة العمى وأما التقابل بين الإطلاق والتقييد الاثباتيين فهو من قبيل تقابل البصر والعمى بدون شك بمعنى ان الإطلاق الاثباتي الكاشف عن الإطلاق الثبوتي هو عدم ذكر القيد في حالة يتيسر للمتكلم فيها ذكر القيد و الأعم وإلا لم يكن سكوته عن التقييد كاشفاً عن الإطلاق الثبوتي.