حجية القطع

للقطع :
1- كاشفية بذاته عن الخارج
2- وله ايضا نتيجة لهذه الكاشفية محركية والتي هي من الاثار التكوينية للقطع نحو ما يوافق الغرض الشخصي للقاطع اذا انكشف له بالقطع ( ذلك الذي وافق الغرض الشخصي كانكشاف الماء ) فالعطشان اذا قطع بوجود الماء خلفه تحرك نحو تلك الجهة طلبا للماء .
3- وللقطع اضافة الى الكاشفية والمحركية المذكورتين خصوصية ثالثة وهي :((الحجية)) بمعنى ان القطع بالتكليف ينجز ذلك التكليف ( اي يجعل التكليف مورداً وموضوعاً لحكم العقل في وجوب الامتثال واستحقاق العقاب على المخالفة ) اي يجعله موضوعاً لحكم العقل ((بوجوب امتثاله وصحة العقاب على مخالفته )).
والخصوصية الاولى والثانية ( وهما الكاشفية والمحركية) بديهيتان ولم يقع البحث فيهما ولا تفيان بمفردهما بغرض الاصولي ( وغرض الاصولي هو تنجيز التكليف الشرعي على المكلف عند القطع به فلا محركية ولا كاشفية تجعل القطع موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال واستحقاق العقاب وانما الحجية هي التي تجعل التكليف مورداً لحكم العقل ), وهو تنجيز التكليف الشرعي على المكلف بالقطع به وانما الذي يفي بذلك الخصوصية الثالثة كما انه لا شك في الخصوصية الاولى ( الكاشفية) هي عين حقيقة القطع ( هي عين الكشف وعين الاراءة) لان القطع هو عين الانكشاف والاراءة  لا انه شيء من صفاته الانكشاف ,
ولا شك ايضا في ان الخصوصية الثانية ( المحركية) من الاثار التكوينية للقطع ( اذا وجد غرض شخصي يتحرك نحو الشيء الذي يحقق له ذلك الغرض الشخصي ) بما يكون متعلقا للغرض الشخصي ,فالعطشان الذي يتعلق غرض شخصي له بالماء حينما يقطع بوجوده في جهة معينة يتحرك نحو تلك الجهة لا محالة والمحرك هنا ( في هذا المقام) هو الغرض (وهو جلب الماء ) والمكمل لمحركية الغرض هو قطعه بوجود الماء ( فمقدمة التحريك هو القطع بوجود هذا الشيء الذي يحقق الغرض ) وبامكان اتسيفاء الغرض في تلك الجهة (ويوجد مكمل اخر وهو عدم وجود المانع من استيفاء الغرض )
واما الخصوصية الثالثة وهي حجية القطع اي منجزيته للتكليف بالمعنى المتقدم ( ينجز التكليف اي يجعله موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال واستحقاق العقاب على المخالفة ) فهي شيء ثالث غير مستبطن في الخصوصيتين السابقيتن فلا يكون التسليم بهما (الكاشفية والمحركية ) من الناحية المنطقية تسليما ضمنيا بالخصوصية الثالثة وليس التسليم بمهما ( اي الكاشفية والمحركية ) مع انكار الخصوصية الثالثة ( يحصل عندي) تناقضا منطقيا , فلا بد من استئناف ( لعدم وجود ملازمة بينهما او كون احدهما علة او لعدم كونهما معلولين لعلة ثالثة ) نظر خاص في الخصوصية الثالثة ( وهي الحجية ) وفي هذا المجال يقال (( عادة)) ( اعتاد القوم من الاصوليين على هذا القول ) : ان الحجية لازم ذاتي للقطع كما ان الحرارة لازم ذاتي للنار فالقطع بذاته يستلزم الحجية والمنجزية (والمعذرية) ولاجل ذلك لا يمكن ان تلغى حجيته ومنجزيته في حال من الاحوال حتى من قبل المولى نفسه لان لازم الشيء لا يمكن ان ينفك عنه وانما الممكن للمولى ان يزيل القطع عن لاقاطع فيخرجه عن كونه قاطعا بدلا عن ان يفكك بين القطع والحجية
ويتلخص هذا الكلام في قضيتين :
احدهما : ان الحجية والمنجزية ثابته للقطع لانها من لوازمه .
والاخرى: انها يستحيل ان تنفك عنه لان اللازم لا ينفك عن الملزوم .
مناقشة :
اما القضية الاولى فيمكن ان نتسال بشأنها اي قطع هذا الذي تكون المنجزية من لوازمه ؟ ( هل نقطع باي تكليف لاي امر؟ او القطع بتكليف المولى الحقيقي المفترض الطاعة الذي يكون موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال واستحقاق العقاب على المخالفة ؟) هل هو القطع بتكليف المولى او القطع بتكليف اي أمر ؟ ومن الواضح ان الجواب هو الاول ( اي القطع بتكليف المولى ) لان غير المولى اذا امر لا يكون تكليفه منجزا على المأمور ولو قطع به ( لو قطع العبد بأن هذا الشيء قد امر به زي من الناس او عمر لا يمتثل لان زيداً ليس مفرتض الطاعة وليس مولى فلا يلتزم به) فالمنجزية ( اي الحجية) اذن تابعة للقطع (( بتكليف المولى )) ( اي القطع بتكليف المولى يستلزم المنجزية والمولى هو من له الحجية والمنجزية النتيجة:
 المنجزية تابعة للقطع بتكليف من له الحجية والمنجزية يعني المنجزية تابعة للمنجزية فهل احتاج ان اثبت المنجزية الثانية التي هي تابعة للمنجزية الاولى ؟ والجواب لا نحتاج الى اثباتها لانه علي اثبات الاولى فتكون الثانية من تحصيل الحاصل فهذه الحجية تابعة لتلك الحجية ومتفرعة عنها او مترتبة عليها فعلينا ان نعرف ما هي الحجية الاولى بعد ذلك اثبت هذه لازمة لها ومتفرعة عليها )  فنحن اذن نفترض اولا ان الامر مولى ثم نفترض القطع بصدور التكليف منه ,
وهنا نتساءل من جديد (( ما معنى المولى ؟)) (( هذا الذي قلنا من له حق الطاعة من يجب امتثال اوامره واستحقاق العقاب على مخالفته ) والجواب ان المولى هو من له حق الطاعة اي من يحكم العقل بوجوب طاعته وامتثال تكاليفه واوامره واستحقاق العقاب على مخالفته ,وهذا يعني ان الحجية (( التي محصلها - كما تقدم - حكم العقل بوجوب الامتثال واستحقاق العقاب على المخالفة )) ( اذن من له حق الطاعة هو من له الحجية ) قد افترضناها ( اي الحجية) مسبقا ( بمعنى المولى ) بمجرد افتراض ان الامر مولى فهي اذن من شؤون كون الامر مولى ومستبطنة في نفس افتراض المولوية ( المولوية  تدل بالتضمن على الحجية ) فحينما نقول ان القطع بتكليف المولى حجة ( من هو المولى ؟ هو من يجب امتثال اوامره يجب امتثال اوامره او المولى هو من له الحجية فيكون القطع بتكليف من له الحجية حجة او من له الحجة هو حجة اذن : هنا نعوض من يجب امتثال اوامره بدل المولى اذن القطع بتكليف من يجب امتثاله يجب امتثاله ) اي ( هنا {اي} تفسير للحجة ) يجب امتثاله عقلا كأننا قلنا : ان القطع بتكليف (( من يجب امتثاله))( وهي معنى المولى ) يجب امتثاله ( وهي تفسير للحجة ) وهذا تكرار لما هو المفترض ( فالمفترض هو الملوى فعلينا ان نناقش ( يجب امتثاله يجب امتثاله ) : انا اريد ان اثبت وجوب الامتثال الثاني : فيقول هذا متفرع على الاول على المفترض فعلي ان ارى ما هو المفترض ماذا اقصد به هذا الثاني هو نفسه ) فلا بد ان ناخذ نفس حق الطاعة والمنجزية المفترضة في نفس كون الامر مولى لنرى مدى ما للمولى من حق الطاعة على المأمور وهل له حق الطاعة في :
1- كل ما يقطع به من تكاليفه .
2- او اوسع من ذلك بأن يفترض حق الطاعة في كل ما ينكشف ( اذن الحجية مترتبة على الكاشفية ) لديه من تكاليفه ولو بالظن او الاحتمال ( يعني اضافة للقطع ؟) .
3- او اضيق من ذلك ( من الاول والثاني ونحن اثبتنا على مسلك حق الطاعة بانه كل ما ينكشف يكون موردا لحكم العقل بوجوب الامتثال سواء كان الانكشاف على نحو القطع او الظن او الاحتمال ) بأن يفترض حق الطاعة في بعض ما يقطع به من التكاليف خاصة وهكذا يبدو ان البحث في حقيقته بحث عن حدود مولوية المولى و ما نؤمن به له مسبقا من حق الطاعة فعلى الاول ( التكاليف المقطوع بها ) تكون المنجزية ثابته في حالات القطع خاصة وعلى الثاني تكون ثابته في كل حالات القطع والظن والاحتمال وعلى الثالث تكون ثابتة في بعض حالات القطع
والذي ندركه بعقولنا ان مولانا سبحانه وتعالى له حق الطاعة في كل (( ما ينكشف))لنا من تكاليفه بالقطع او الظن او الاحتمال ( وهي موقوفة او معقله) ما لم يرخص هو نفسه ي المولى في عدم التحفظ ( وهذا شان المولى فهو من حقه ان يرخص ويقول لا تمتثل )  (( وهذا يعني ان المنجزية ليست ثابته للقطع بما هو قطع )) ( هذا رد على القضية الاولى للمشهور) بل بما هو انكشاف ( والا لانتفت الحجية بانتفاء القطع ) وان كل انكشاف منجز مهما كانت درجته مالم يحرز ترخيص الشارع نفسه في عدم الاهتمام به ( فاذا رخص الشارع فهذا بحث اخر ) نعم كلما كان الانكشاف بدرجة اكبر كانت الادانة وقبح المخالفة اشد فالقطع بالتكليف يستتبع لا محالة مرتبة اشد من التنجز والادانة لانه المرتبة العليا من الانكشاف .واما القضية الثانية وهي : ان المنجزية ( او الحجية) لا تنفك عن القطع بالتكليف وليس بامكان المولى نفسه ان يتدخل بالترخيص في مخالفة القطع وتجريده من المنجزية فهي صحيحة ( لكن ليس دليلها هناك متفرعة عن الثانية كما طرح من قبل المشهور بانه توجد ملازمة كملازمة الحرارة للنار فلا يمكن سلب الحرارة من النار لانها من اللوازم الذاتية فلا يمكن سلب الحجية عن القطع ) ودليلها : ان هذا الترخيص ( الذي نحتمله في مورد القطع ) اما حكم واقعي ( يحصل عندي شبهة التضاد وهو مستحيل فلا يصدر من المولى ) او حكم ظاهري ( وليس عندي شك )
والاول : ( اي الحكم الواقعي ) مستحيل لان التكليف الواقعي مقطوع به فاذا ثبتت ايضا اباحة واقعية لزم اجتماع الضدين ( وهذا مستحيل ولا يمكن ان يصدر من المولى ) لما تقدم من التنافي والتضاد بين الاحكام التكليفية الواقعية .
والثاني : ( حكم ظاهري) مستحيل ايضا لان الحكم الظاهري كما تقدم ما اخذ في موضوعه الشك ولا شك مع القطع .( فينتفي الحكم الظاهري بانتفاء موضوعه وهو الشك) وبهذا يظهر ان القطع لا يتميز عن الظن والاحتمال في اصل المنجزية وانما يتيمز عنهما في عدم امكان تجريده عن تلك المنجزية فان حالات الظن والاحتمال فان الترخيص الظاهري فيها ممكن لانه لا يتطلب اكثر من فرض الشك والشك موجود ومن هنا صح ان يقال (( ان منجزية القطع غير معلقة بل ثابتة على الاطلاق وان منجزية غيره من الظن والاحتمال معلقة لانها مشروطة بعدم احراز الترخيص الظاهري في ترك التحفظ ))