الاشتراك والترادف

لا شك في امكان الاشتراك وهو وجود معنيين للفظ واحد
والترادف وهو وجود لفظين لمعنى واحد بناء على غير مسلك التعهد في تفسير الوضع ,
اشكال : (لو قلت) ومجرد الاشتراك مؤديا الى الاجمال وتردد السامع في المعنى المقصود لا يوجب فقدان الوضع المتعدد لحكمته
( فلا يمكن ان نتصور الاشتراك , فنرفض الاشتراك , ونقول هو عبارة عن شيء لا يمكن ان يصدر وليس فيه حكمة , فيمتنع الاشتراك في اللغة وفي القوانين اللغوية وقوانين المحاورة والافهام والتفهيم ) , لان حكمته (حمكة الوضع ) انما ايجاد ما يصلح للتفهيم في مقام الاستعمال ولو بضم القرينة ( انا استعمل المجمل واضيف له القرينة فأصل الى نتيجة ).

في الاشتراك توجد عدة اقوال :
القول الاول :يقول بضرورة الاشتراك
القول الثاني : يقول بامكان الاشتراك
القول الثالث : يقول باستحالة الاشتراك

وممن يدعي بضرورة الاشتراك : مما يطرح لتأييد او للاستدلال على ما يبني : القول بأن المعاني غير متناهية والالفاظ متناهية , فيلتجا الواضع ومن يضع القانون اللغوي الى المشترك اللفظي .

امكان الاشتراك : وفي المقابل يوجد القول الاخر بامكان الاشتراك - طبعاً من الجانب النظري - وايضا وجود الاشتراك واقعاً في اللغة وفي المحاورات اللغوية وفي القوانيين اللغوية ويوجد الترادف وهذا جزء من اللغة وهذا جزء من القران وجزء من السنة النبوية الشريفة .

ومن ادلة استحالة الاشتراك : هو ان الاشتراك يؤدي الى ( الاجمال ) والى تردد السامع فنحن عندما نضع اللفظ لمعنى حتى يفهم ونفهم المقابل , حتى المتكلم عندما يتحدث يفهم السامع , يفهم القارى عندما يكتب الكاتب
والاشتراك اللفظي يؤدي الى عدم معرفة المعنى المراد من اللفظ فهل يراد بهذا اللفظ هذا المعنى او هذا المعنى او هذا المعنى ,
والحكمة من الوضع هو من اجل الافهام والتفهيم من اجل البيان ومن اجل قدح المعنى وحضوره في ذهن السامع بعد سماع اللفظ , طبعاً هذا يترتب على تحقق العلقة الوضعية , فلا تتحقق العلقة الوضعية بهذا المعنى بخصوصه ولا بهذا ولا بهذا فتبقى القضية مجملة فلا يتحقق الغرض من الوضع , فلا حكمة في وضع الاشتراك اللفظي لعدم ترتب الفائدة فيه .

ولدفع هذا الاشكال نقول :
اولاً: انه يكفي في الحكمة اننا في عملية افهام المقابل في علمية الحوار والمحاورة نستطيع ان نحقق ما نريد وان نقدح المعنى في ذهن السامع على شكل مراحل او بالتدريج او على اجزاء .
وهو ان نهيىء السامع لان يستحضر اكثر من معنى ,
مثال لفظ ( العين ) الذي يدل على عين الماء وعلى العين الجراحة فنهيىء ذهن السامع الى معنيين فنحن بلفظ العين حققنا فائدة وحصرنا ذهن السامع في هذين المعنيين .
اذن استعملنا اللفظ وخصصنا المعنى الذي نريده وبعد ذلك نضم له القرينة لتدل على احد المعنيين .
وبتعبير اخر : نقول الحكمة من وضع المشترك اللفظي :
1- هو اننا نوجد بهذا اللفظ ما يصلح للتفهيم كجزء من مرحلة التفهيم خطوة اولى في التفهيم نحدد ذهن السامع بهذين المعنيين كما في مثال العين .

2- وبعد ذلك نضم القرينة الى هذا اللفظ فاللفظ باضافة القرينة احصل على المعنى الذي اريده .
النتيجة : الاشتراك فيه حكمة , استعمل المشترك اللفظي واضيف له قرينة فاستطيع ان افهم المقابل , ولا يوجد اي تردد في ذهن السامع اذن الحكمة تحققت من الوضع .

ثانياً: ممكن ان تكون الحكمة من وضع المشترك اللفظي هو الاجمال يعني غرض الواضع هو تحقق الاجمال ,
وهنا اين تكون الحكمة والفائدة المترتبة عليه ؟
نقول في موارد ربما يكون الواضع الحكيم وضع الاشتراك اللفظي حتى ينقذ الارواح والانفس والاموال ..الى اخره من خلال استعماله للمشترك اللفظي يطلق اللفظ ويقصد به شيء ويفهم المقابل المعنى الاخر ,
وعلى نحو التقريب لو صح المثال نقول كما في قضية ( سعيد بن جبير) عندما اراد ذلك الطاغية ان يلزمه ببعض الامور او ببعض الاقوال والاعتقادات التي يقتل عليها الانسان ...والقضية معرفة .
هذا لمن يقول بضرورة الاشتراك .
وهذا الكلام الذي طرح بناء على القول بمبنى ( الاقتران الاكيد) او بناء على القول بالاعتبار تكون القضية واضحة .

واما على مسلك التعهد ( السيد الخوئي) فلا يخلو تصوير الاشتراك والترادف من اشكال لان التعهد :
1- اذا كان بمعنى (( الالتزام بعدم الاتيان باللفظ الا اذا قصد تفهيم المعنى الذي يضع له اللفظ )) فاذا قصد تفهيم المعنى الذي يضع له اللفظ عليه ان ياتي باللفظ فاذا اراد ان يفهم العين الجارحة فباي لفظ ياتي ؟ نقول ياتي بلفظ (عين ) وهو قد تعهد بأنه يلتزم بعدم الاتيان باللفظ الا اذا قصد تفهيم المعنى , ومعنى (عين) يدل على العين الجارحة وعلى عين الماء ... وهو لا يمكنه ان يفهم بلفظ ( العين ) فقط العين الجارحة , فلا يستطيع ان يستعمل الاشتراك ) امتنع الاشتراك المتضمن لتعهدين من هذا القبيل بالنسبة الى لفظ واحد , اذ يلزم ان يكون عند الاتيان باللفظ قاصداً لكلا المعنيين وفاء بكلا التعهدين وهو غير مقصود من المتعهد جزماً ( لانه يريد ان يفهم معنى واحد ).

2- واذا كان التعهد بمعنى (( الالتزام بالاتيان باللفظ عند قصد تفهيم المعنى )) فاذا قصد تفهيم الحيوان المفترس فعليه ان ياتي بلفظ  اسد وليث وغضنفر...وهكذا ) امتنع الترادف المتضمن لتعهدين من هذا القبيل بالنسبة الى معنى واحد , اذ يلزم ان ياتي بكلا اللفظين ( او بالالفاظ ) عند قصد تفهيم المعنى وهو غير مقصود من المتعهد جزماً .

وحل الاشكال :
اما بافتراض (( تعدد المتعهد )) (به كما قلنا يقصد هذه العين وهذه العين وهذا غير مقصود له هو يقصد ان يفهم احد المعاني )
او (( وحدة المتعهد ويقصد بان يكون متعهداً بعدم الاتيان باللفظ الا اذا قصد تفهيم احد المعنيين بخصوصه ,
او بان يكون متعهداً عند قصد تفهيم المعنى بالاتيان بأحد اللفظين .
او فرض تعهدين مشروطين على نحو يكون المتعهد به في كل منهما مقيداً بعدم الاخر (اتعهد والتزم بهذا بشرط ان لا اتعهد والتزم بالاخر).