جواز عملية الاستنباط

ما دام علم الاصول يرتبط بعملية الاستنباط ويحدد عناصرها المشتركة ( اذن هو يرتبط بعملية الاستنباط فيجب علينا ان نعرف اولا هل عملية الاستنباط جائزة او غير جائزة وهل الشارع المقدس اشار اليها وحث عليها او نهى عنها ؟) فيجب ان نعرف قبل كل شيء موقف الشريعة من هذه العملية فهل سمح الشارع لاحد بممارستها ( اي عملية الاستنباط) لكي يوجد مجال لوضع علم لدراسة عناصرها المشتركة ؟ ( يعني لوضع علم الاصول هل هي مشروعة حتى نضع علماً لدراسة عناصرها المشتركة )
والحقيقة ان مسالة جواز الاستنباط حين تطرح للبحث بالصيغة التي طرحناها لا يبدو انها جديرة بالنقاش ,(علمنا بان قانون العبودية يحتم علينا ان نمتثل الاحكام ونحن نعلم اجمالاً بوجود احكام وتشريعات تنظم حياة الانسان في هذه الدنيا وتنظم علاقة الانسان بأخيه الانسان وتحدد وترتب وتنظم علاقة الانسان بربه فتنظم حياة الانسان في هذه الدنيا وفي الاخرة فيجب ان نبحث عن هذه الاحكام ويجب ان نعرفها حتى نمتثلها ونكون من العباد الصالحين ) لأننا حين نتساءل هل يجوز لنا ممارسة عملية الاستنباط او لا ؟ يجيء الجواب على البداهة بالايجاب (لانها عبارة عن تحديد الموقف العملي اتجاه الشريعة ) لان عملية الاستنباط كما تقدم عبارة عن تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة تحديداً استدلالياً ( يحددها بالدليل المحرز او بالدليل العملي ) ومن البديهي ان الانسان بحكم تبعيته للشريعة ( وبحكم عبوديته لله سبحانه وتعالى وبحكم معرفته بوجود تشريعات تنظيم حياته في الدنيا والاخرة فهو ) ملزم بتحديد موقفه العملي منها ( الاحكام الشرعية ) ولما لم تكن احكام الشريعة غالباً في البداهة والوضوح بدرجة تغني عن اقامة الدليل فليس من المعقول ان يحرم على الناس جميعاً تحديد الموقف العملي تحديداً استدلالياً ولكن لسوء الحظ اتفق لهذه المسالة ان اكتسبت صيغة اخرى لا تخلو عن غموض وتشويش فأصبحت مثاراً للاختلاف نتيجة لذلك الغموض والتشويش فقد استخدمت كلمة (( الاجتهاد)) للتعبير عن عملية الاستنباط .
وطرح السؤال هكذا : هل يجوز الاجتهاد في الشريعة ؟
وحينما دخلت كلمة الاجتهاد في السؤال - وهي كلمة مرت بمصطلحات عديدة في تأريخها - ادت الى ابقاء ظلال (( تلك المصطلحات السابقة )) (والتي هي الراي الشخصي الخاص ) على البحث , ونتج عن ذلك ان اجاب البعض على السؤال بالنفي وادى ذلك الى شجب علم الاصول كله لانه انما يراد لاجل الاجتهاد فاذا الغي الاجتهاد لم تعد حاجة الى علم الاصول .
وفي سبيل توضيح ذلك يجب ان نذكر التطور الذي مرت به كلمة الاجتهاد لكي نتبين كيف ان النزاع الذي وقع حول جواز عملية الاستنباط والضجة التي اثيرت ضدها لم تكن الا نتيجة فهم غير دقيق للاصطلاح العلمي وغفلة عن التطورات التي مرت بها كلمة الاجتهاد في تاريخ العلم .