تعريف علم اصول الفقه

يعرف علم الاصول بانه (( العلم بالعناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي )) ( او استنباط الجعل الشرعي )
ولنذكر - لاجل ذلك - نماذج بدائية من هذه العملية في صيغ مختصرة لكي نصل عن طريق دراسة النماذج والمقارنة بينها الى فكرة العناصر المشتركة في عملية الاستنباط .
افرضوا ان فقيها واجه هذه الاسئلة :
1- هل يحرم على الصائم ان يرتمس في الماء ؟
2- هل يجب على الشخص اذا ورث مالاً من ابيه ان يؤدي خمسه ؟
3- هل تبطل الصلاة بالقهقهة في اثنائها ؟

فاذا اراد الفقيه ( وهنا يخرج غير الفقيه ) ان يجيب على هذه الاسئلة فانه سوف يجيب على السؤال الاول مثلا بالايجاب وانه يحرم الارتماس على الصائم , ويستنبط ذلك بالطريقة التالية :
قد دلت رواية يعقوب بن شعيب عن الامام الصادق عليه السلام على حرمة الارتماس على الصائم فقد جاء فيها انه قال : لا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم .
والجملة بهذا التركيب تدل في العرف العام على الحرمة وراوي النص يعقوب بن شعيب تثقة والثقة وان كان يخطى او يشذ احيانا ولكن الشارع امرنا بعدم اتهام الثقة بالخطأ او الكذب واعتبره حجة والنتيجة هي ان الارتماس حرام .

ويجيب الفقيه على السؤال الثاني بالنفي , لان رواية علي بن مهزيار  جاءت في مقام تحديد الاموال التي يجب فيها الخمس وورد فيها ان الخمس ثابت في الميراث الذي لا يحتسب من غير اب ولا ابن والعرف العام يفهم من هذه الجملة ان الشارع لم يجعل خمساً على الميراث الذي ينتقل من الاب الى ابنه, والراوي ثقة وخبر الثقة حجة ,والنتيجة هي ان الخمس في تركة الاب غير واجب .

ويجيب على السؤال الثالث بالايجاب , بدليل رواية زرارة عن الامام الصادق عليه السلام انه قال (( القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة )) والعرف العام يفهم من النقض ان الصلاة تبطل بها وزرارة ثقة وخبر الثقة حجة فالصلاة مع القهقهة باطلة اذن .
وبملاحظة هذه المواقف الفقهية الثلاثة نجد ان الاحكام التي استنبطها الفقيه كانت من ابواب شتى من الفقه , وان الادلة التي استند اليها الفقيه مختلفة , فبالنسبة الى الحكم الاول استند الى رواية يعقوب بن شعيب وبالنسبة الى الحكم الثاني استند الى رواية علي بن مهزيار ( فنبحث عن ثقة هذا الشخص وهذا الشخص وهذا البحث ليس في علم الاصول وانما في علم الرجال في مرحلة الاستدلال الفقهي )
وبالنسبة الى الحكم الثالث استند الى رواية زرارة . ولكل من الروايات الثلاث متنها وتركيبها اللفظي الخاص الذي يجب ان يدرس بدقة ( والدراسة هنا في علم الفقه وليس في علم الاصول ) ويحدد معناه ولكن توجد في مقابل هذا التنوع وهذه الاختلافات بين المواقف الثلاثة عناصر مشتركة ( من قبيل الرجوع الى 1- العرف العام , او ما يعبر عنه بحجية الظهور العرفي 2- حجية خبر الثقة )
ادخلها الفقيه في عملية الاستنباط في المواقف الثلاثة جميعاً , فمن تلك العناصر المشتركة :
1- الرجوع الى العرف العام في فهم الكلام الصادر عن المعصوم وهو ما يعبر عنه بحجية الظهور العرفي فحجية الظهور اذن عنصر مشترك في عمليات الاستنباط الثلاث( وما يستظهره يعني ما يفهمه العرف العام يكون حجة بعد التسليم بان هذا الخبر ثقة وبان الخبر صدر من المعصوم فالمعنى الظاهر الذي يفهمه العرف العام يكون حجة على المكلف ) وكذلك يوجد عنصر مشترك اخر وهو
2- حجية خبر الثقة ( وبالرغم من انه ثقة ولكن يمكن ان يخطىء او يشتبه او يسنى او يغفل ولكن الشارع المقدس امرنا ان نقبل كلامه ).

عناصر عمليات الاستنباط
وهكذا نستنتج ان علميات الاستنباط تشتمل على عناصر مشتركة كما تشتمل على عناصر خاصة .
1- العناصر الخاصة : ونعني بالعناصر الخاصة : تلك العناصر التي تتغير من مسالة الى اخرى .( وتدرس في علم الفقه مثل : 1- الرواية 2- تركيبها اللفظي الخاص )
2- العناصر المشتركة : ونعني بالعناصر المشتركة القواعد العامة التي تدخل في عمليات استنباط احكام عديدة في ابواب مختلفة .
وفي علم الاصول تدرس العناصر المشتركة وفي علم الفقه تدرس العناصر الخاصة في كل مسالة .